الجزء الرابع: لغة المقاومات
4.
لا شك أن “المقاومة” فكرةٌ قبل أن تكون مجردَ تجربة. لها في هذه الأعمال مكانتُها، من حيث أننا نتعرف على طاقتها الشعْشعانيّة في فترات صعبة من اختبار معنى الحرية. كانت المقاومة، على امتداد سنوات كتابة الأعمال النثرية، تتجذّر بالكتابة وفي الكتابة. لم يكن بدٌّ من المقاومة في مسالك الثقافة والمجتمع، أو في عواصف الجسد وانعطافة العلاقات الإنسانية في الحياة الثقافية. ومن نص إلى نص كانت المقاومةُ تتسع، تمتدُّ، ترتفعُ، تنتشر. لم تكن حريةُ الشاعر معطاة في العالم العربي، قديماً أو حديثاً. وفي كل لحظة من اللحظات كانت ممارسة الكتابة ممارسةً في الآن ذاته للمقاومة.
هكذا يمكن وصفُ هذه الأعمال النثرية بأنها تجربةُ كتابةٍ تخترق زمناً عربياً، بشروخه ومهاويه. وتصبح التجربة أوضحَ كلما وقفت الكتابة على حافة الخطر. ذلك مصيرُها الذي لا تنْدمُ على مواجهته بعينيْن يقظتيْن. أزيدُ من ثلاثين سنة كانت فيها الكتابة تتعلم المقاومة، وفيها كانت تكتسب سمتَها. نصوص تتجاوب، عبر التفرّعات المتنامية التي يفصل الزمن أحياناً بين بعضها والبعض الآخر.